فصل: باب الْوُضُوءِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا) أَيْ وَإِذَا جَفَّ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَزَادَ فِي الْإِيعَابِ؛ وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ الْجُلُوسِ لِلِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ لِلْقِيَامِ لِاسْتِوَاءٍ أَوْ مَسْحِ ذَكَرٍ بِحَائِطٍ فَقُدِّمَ الدُّبُرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ انْطَبَقَتْ أَلْيَتَاهُ وَمُنِعَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ) فِي التَّصْرِيحِ بِهِ أَظْهَرُ شَاهِدٍ لِعَطْفِ كُلٍّ عَلَى ثَلَاثٍ (بِيَسَارِهِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ بِالْيَمِينِ فَيُكْرَهُ كَمَسِّهِ بِهَا وَالِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَّا وَكَثِيرُونَ مِنْ غَيْرِنَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَظْهَرُ شَاهِدٍ) هُوَ شَاهِدُ لِينٍ.
(وَقَوْلُهُ أَظْهَرُ شَاهِدٍ) هُوَ شَاهِدٌ لَيِّنٌ سم قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِيَسَارِهِ) سُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ خُلِقَ عَلَى يَسَارِهِ صُورَةُ جَلَالَةٍ وَنَحْوُهَا مِنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يُخَالِطْ الِاسْمَ نَجَاسَةٌ وَإِلَّا فَبِالْيَمِينِ انْتَهَى أَقُولُ وَلَوْ خُلِقَ ذَلِكَ فِي الْكَفَّيْنِ مَعًا فَهَلْ يُكَلَّفُ لَفُّ خِرْقَةٍ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ م ر فَبِالْيَمِينِ أَنَّهُ يُسَنُّ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ؛ لِأَنَّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي الْجُمْلَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) كَكَوْنِهِ مَقْطُوعَ الْيُسْرَى أَوْ مَشْلُولَهَا كُرْدِيٌّ.
(وَلَا اسْتِنْجَاءَ) وَاجِبٌ (لِدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا مَعْنَى لَهُ كَالرِّيحِ وَمُقَابِلُهُ يُوجِبُهُ اكْتِفَاءً بِمَظِنَّةِ التَّلْوِيثِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهُ وَبِهِ فَارَقَ الرِّيحَ عِنْدَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ قُوَّتُهُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَيُكْرَهُ مِنْ الرِّيحِ إلَّا إنْ خَرَجَ وَالْمَحَلُّ رَطْبٌ فَلَا يُكْرَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَبَحْثُ وُجُوبِهِ شَاذٌّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ غَسَلَ ذَكَرَهُ أَوْ هَلْ مَسَحَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ سَلَامِ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى حَتَّى يَسْتَنْجِيَ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ شُرُوعِهِ فِي كَمَالِ طَهَارَتِهِ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا ذَاكَ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْأُولَى وُجُوبُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ وَلَيْسَ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلٌ فِيهِمَا وَقَدْ تَيَقَّنَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَتَيَقُّنُهُ مُطْلَقَ الِاسْتِنْجَاءِ لَا يَقْتَضِي دُخُولَ غَسْلِ الذَّكَرِ فِيهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ فِي نَحْوِ الْبَعْرَةِ وَالرِّيحِ مَعَ الرُّطُوبَةِ انْتَهَى، فَإِنْ رَجَعَ قَوْلُهُ: مَعَ الرُّطُوبَةِ لِنَحْوِ الْبَعْرَةِ أَيْضًا فَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الْوَجْهُ الْوُجُوبُ حِينَئِذٍ لِتَنَجُّسِ الْمَحَلِّ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ بِالِاكْتِفَاءِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقَابِلِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: قُوَّتُهُ) أَيْ الْمُقَابِلِ.
(قَوْلُهُ: تَأَكَّدَ الِاسْتِنْجَاءُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدُّودِ وَالْبَعْرِ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) وَفِي الْإِيعَابِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لِلتَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَجْهٌ وَجِيهٌ. اهـ. فَعَلَى مَا فِي التُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ هُوَ مُبَاحٌ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ مِنْ التُّحْفَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ الرِّيحِ» وَذَكَرَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِرُطُوبَةِ الْمَحَلِّ وَفِي فَتْحِ الْجَوَادِ يُسَنُّ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الرِّيحِ مُبَاحٌ عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا، وَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كُرْدِيٌّ وَقَوْلُهُ وَالنِّهَايَةُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ ظَاهِرُ صَنِيعِهَا وَصَرِيحُ الْمُغْنِي اعْتِمَادُ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ إلَى هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْبَغَوِيّ عَقِبَ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ صَلَاةً أُخْرَى) أَيْ فِيمَا إذَا طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ صَلَاةٍ أَوْ أَثْنَاءَهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَاكَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ شُرُوعِ الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ وَقَوْلُهُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ أَيْ وَمَا هُنَا فِي مُقَدِّمَةِ الطَّهَارَةِ لَا فِي أَصْلِهَا.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ.
(قَوْلُهُ: فِي الذَّكَرِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى.
(قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ إلَخْ.

.باب الْوُضُوءِ:

هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ وَهُوَ التَّوَضُّؤُ وَالْأَفْصَحُ ضَمُّ وَاوِهِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْأَعْضَاءِ الْآتِيَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَهُوَ الْمُبَوَّبُ لَهُ وَفَتْحُهَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّضَارَةُ لِإِزَالَتِهِ لِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَفُرِضَ مَعَ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَاَلَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا إمَّا الْكَيْفِيَّةُ الْمَخْصُوصَةُ أَوْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَمُوجِبُهُ الْحَدَثُ مَعَ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ، وَيَخْتَصُّ حُلُولُهُ بِالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَحُرْمَةُ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ الْمُبِيحَةِ لِلْمَسِّ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِمَسْحِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ غَالِبًا فَكَفَاهُ أَدْنَى طَهَارَةٍ؛ لِأَنَّ تَشْرِيفَهُ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(باب الْوُضُوءِ):
(قَوْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ) أَيْ الْوُضُوءُ مَأْخُوذٌ.
(باب الْوُضُوءِ):
(قَوْلُهُ: هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ) إلَى قَوْلِهِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ إلَى وَمُوجِبُهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى إلَى وَشَرْطُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَإِلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَمَّا الْكَيْفِيَّةُ إلَى الْغُرَّةِ وَقَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ.
(قَوْلُهُ: اسْمُ مَصْدَرٍ) وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصْدَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّوَضُّؤُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَفْصَحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ بِضَمِّ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ إلَخْ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ إلَخْ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، وَهُوَ أَضْعَفُهَا. اهـ. قَالَ ع ش فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ بِالْوُضُوءِ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ نَحْوَ طَهُورٍ وَسَحُورٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لِيَشْمَلَ التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْضَاءِ الْآتِيَةِ ذَاتُهَا مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَصِفَتُهَا مِنْ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ وَالِاسْتِعْمَالُ لِلْغَالِبِ، وَالْمَدَارُ عَلَى وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ.
وَأَمَّا مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ بِنِيَّةٍ أَمْ لَا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يُتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ يُعَدُّ وَيُهَيَّأُ لِلْوُضُوءِ بِهِ كَالْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِبْرِيقِ أَوْ فِي الْمِيضَأَةِ لَا لِمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ كَمَاءِ الْبَحْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إطْلَاقُهُ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ مَثَلًا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ إلَخْ) أَيْ الْوُضُوءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ سم.
(قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِ لِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ) أَيْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِزَالَتِهِ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) لَكِنْ مَشْرُوعِيَّتُهُ سَابِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الْبِعْثَةِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى بِهِ رَكْعَتَيْنِ» شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَفُرِضَ أَوَّلًا لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ نُسِخَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ إلَّا مَعَ الْحَدَثِ وَالصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ هُنَا فُرِضَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا شُرِعَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ وَقَوْلُهُ مَعَ إرَادَةِ إلَخْ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَا إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِهِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ) كَطَوَافٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى) خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ نِهَايَةٌ أَيْ حَيْثُ أَقَرَّهُ عِبَارَتُهُ قَالَ الْإِمَامُ، وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ. اهـ.
قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُنَاجَاةٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى فَطُلِبَ التَّنْظِيفُ لِأَجْلِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ وَخُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا أَوْ؛ لِأَنَّ آدَمَ تَوَجَّهَ إلَى الشَّجَرَةِ بِوَجْهِهِ وَمَشَى إلَيْهَا بِرِجْلَيْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِيَدَيْهِ وَمَسَّ بِرَأْسِهِ وَرَقَهَا وَالتَّعَبُّدِيُّ أَفْضَلُ مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الِامْتِثَالَ فِيهِ أَشَدُّ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اكْتَفَى إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ ع ش وَشَرْطُهُ كَالْغُسْلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَظَنُّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَعَدَمُ نَحْوِ حَيْضٍ فِي غَيْرِ نَحْوِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا ضَارًّا أَوْ جُرْمٌ كَثِيفٌ يَمْنَعُ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ وَدُهْنٍ مَائِعٍ وَقَوْلُ الْقَفَّالِ تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُ الْخِضَابِ بِالنَّشَادِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ فَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ الْخُبَرَاءِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْ الْهِبَابِ مِنْ غَيْرِ إيقَادٍ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ نَوْعَانِ وَعِنْدَ الشَّكِّ لَا نَجَاسَةَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُ مَا مَادَّتُهُ طَاهِرَةٌ، وَهِيَ التِّبْنُ وَنَحْوُهُ وَلَا يَضُرُّ الْوُقُودُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ وَتَخَيَّلَ أَنَّ رَأْسَ إنَائِهِ مُنْعَقِدٌ مِنْ دُخَانِهَا مَعَ الْهِبَابِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ الْهِبَابِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ دُخَانَهَا سَبَبٌ لِذَلِكَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَيْنِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ اسْتِرْوَاحُ مَنْ جَزَمَ بِنَجَاسَةِ النَّشَادِرِ حَيْثُ وُجِدَ وَلَا يَضُرُّ فِي الْخِضَابِ تَنْقِيطُهُ لِلْجِلْدِ وَتَرْبِيَتُهُ الْقِشْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقِشْرَةَ مِنْ عَيْنِ الْجِلْدِ لَا مِنْ جُرْمِ الْخِضَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي إنْ بَانَ الْحَالُ وَإِلَّا فَطُهْرُ الِاحْتِيَاطِ بِأَنْ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَتَوَضَّأَ مِنْ غَيْرِ نَاقِضٍ صَحِيحٍ إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ وَلَا يُكَلَّفُ النَّقْضُ قَبْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ مَشَقَّةٍ لَكِنْ الْأَوْلَى فِعْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا صَحَّ وُضُوءُ الشَّاكِّ فِي طُهْرِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِ حَدَثِهِ مَعَ تَرَدُّدِهِ، وَإِنْ بَانَ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ، وَإِنْ تَذَكَّرَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَالْغُسْلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَجَعْلُ الْمَاءِ شَرْطًا هُوَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِجَعْلِهِمْ التُّرَابَ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَى أَنْ قَالَ وَالزَّرْكَشِيُّ نَقَلَ أَنَّ كُلًّا شَرْطٌ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَاصًّا بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بَلْ يَعُمُّهُمَا وَالْخَبَثُ كَانَ بِالشُّرُوطِ أَشْبَهَ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْخَبَثِ وَهُوَ فِي الْمُغَلَّظَةِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ بَلْ الْمُطَهِّرُ الْمَاءُ بِشَرْطِ مَزْجِهِ بِهِ فَكَانَ بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهَ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ مِنْ قَبِيلِ الْعَرَضِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَالتُّرَابَ مِنْ قَبِيلِ الْجَوْهَرِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ انْتَهَى وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ.